برج بيزا.. شهرة واسعة وحال مايل



 برج بيزا المائل “ Torre Pendente di Pisa ” من أشهر المعالم السياحية بالعالم، المبني علي الطراز الروماني، له شعبية كبيرة نظرا لما يبدو عليه من ميل وكأنه آيلا للسقوط فيعتبر هذا البرج معلم من أهم معالم إيطاليا.


يقع هذا البرج بساحة الملائكة أو ما يسمي “Piazza Dei Miracoli” بمدينة بيزا. يوجد معالم أخري بهذا المكان، وهما كنيسة ومعمودية والبرج هو ثالث مبني تم بناؤه بالساحة. بالرغم من أنه الأخير في البناء ولكنه يعتبر من أهمهم تاريخياً حيث تم بناؤه في القرن الرابع عشر ليكون برج الأجراس الخاص بالكنيسة.


حقيقةً، مدينة بيزا هي مدينة صغيرة بسيطة ذي أهمية كبيرة كميناء هناك بإيطاليا، بدأت تدخل في حروب كثيرة حتي غزت مدينة باليرمو بصقلية عام 1063، وعاد أهلها منتصرين ومعهم غنائم كثيرة من هناك فأردوا أن يري العالم أهمية بيزا فقرروا بناء كنيسة، معمودية، برج أجراس ومقبرة بساحة الملائكة. هذا البرج الذي تدق أجراسه مرتين كل يوم أحد هو برج بيزا المائل.


بدأ البناء في هذا البرج عام 1173 واستمر ذلك لمدة 200 عام فجزء كبير من ذلك يرجع إلي كثرة الحروب من ضمنها الحروب الأهلية التي أوقفت عمليات البناء لمدة 100 عام، وقد ساهم ذلك في ثبات البرج وتدعيمه أكثر في الأساس وقد اكتمل بناء البرج في 800 عام.


بني علي شكل دائري وعندما تم بناؤه لم يكن في الحقيقة مائلا مثلما نراه الآن، ولكن مع أول طابقين كان مستقيما وظل مستقيما لمدة خمسة أعوام. بدأ البناؤون في الطابق الثالث حتي وجدوا البرج يميل وينحني، مما أثار قلق البناؤون والسكان فحينها تم وقف البناء أملا في ثباته.


جاء مهندسا آخر يسمي Giovanni di Simone بعد أن توقف البناء عند الطابق الثالث ليكمل البناء عام 1272 ويحاول في حل المشكلة بجعل إحدي جوانب الطوابق العليا أطول من الأخري، ولكن لم يتحقق الأمل في اعتدال البرج وثباته.  توقف البناء في 1284 بسبب معركة ميلوريا والتي انتهت بهزيمة سكان بيزا من سكان جينوا.


يبلغ طول البرج تقريبا 60 مترا وبالنسبة للميل فهو تقريبا يميل 10 درجات نحو الزاوية أو أقل، يزن البرج 14,500 طن فهو ثقيل جداً، وقد تم تصنيعه من الرخام الأبيض من الخارج وحجر الجير من الداخل مما ساعد في ثباته وعدم التسبب في وقوعه ولم يكن هذا في الحسبان تقريبا بل يرجح أن ذلك تم بمحض الصدفة.


اذا نظرنا بداخل ذلك البرج سنجد به حوالي 300 درج إلي الأعلي حيث الأجراس السبعة وكل جرس له نغمة مختلفة عن الأخري وأكثر الأجراس ثقلاً في الوزن يزن حوالي 3,620 كيلوجراماً وقد توقفت الأجراس عن الدق بأمر ما ظناً أن حركتهم تزيد من الحمل علي الوزن. في عام 1319 تم الانتهاء من بناء الطابق السابع وتم إضافة الطابق الأخير –طابق الأجراس- في 1372 ولم تضاف أي تعديلات بالبرج حتي القرن التاسع عشر.


كثيرا ما يتساءل الناس عن سبب ميل برج بيزا وهنا تقع الكثير من الألغاز، ويرجح سبب الميل أن القاعدة المبني عليها البرج هو عبارة عن طبقة ثقيلة من الطين والرمل وهذا من الممكن أن يكون سبب كافي حتي لم يتحمل البرج ثقله لأن الطين لم يتحمل وزن البرج فظل يميل إلي أن توقف منذ وقت بسيط فقط. لعل المائتين عام أيضا ساهما في تثبيت البرج قليلا في الطين، ولو لم يحدث ذلك لكن من الممكن أن ينهار البرج. حاول الكثير بالتأكيد إصلاح البرج ومنعه من الميل مثل موسليني الذي قال أن هذا عار علي الوطن، لذلك حاول في ثباته بالأسمنت عام 1934 الذي أضافه في 361 فتحة بقاعدة البرج حتي يكون وزن إضافي يعمل علي تثبيت البرج أكثر، ولكن لم يفلح ذلك في شئ وذابت قاعدة البرج أكثر مما زاد من الانحناء.


في عام 1838، أرادAlessandro Della Gherardesca  أن يري العالم ذلك الجمال الذي يتسم بالتعقيد في برج بيزا ويعمل علي تنشيط السياحة فهذا البرج مهم جدا للسياحة ببيزا وكيفية بناء القاعدة، فحفر حول قاعدة البرج ممر حتي يتسني للزوار الرؤية بشكل أوضح لتصميم ذلك البرج ولكن زاد ذلك الأمر سوءاً حينما ضرب العاملين منطقة المياه فجعل ذلك الميل والانحناء بالبرج أكثر.


كاد الجنود الأمريكان أن يدمروا ذلك البناء المُحير أثناء الحرب العالمية الثانية حينما أردوا تحطيم أي مكان وأي بناء من الممكن أن يكون موقع استراتيجي للقناصة بسبب اعتقادهم أن الألمان اتخذوا البرج موقعاً للمراقبة وقد توقف ذلك حيث أن الرقيب الأمريكي ليون ويكستاين وجد أن لا داعٕ لتدمير بناء ومعلم تذكاري مهم مثل ذلك البرج حيث أعجب بجماله وتصميمه.


أصبح البرج عام 1987 مبني تراث عالمي ضمن منظمة اليونسكو وتمت محاولات عديدة للحصول علي نتيجة أفضل بخصوص ثباته حتي أن البرج مؤخراً لم يكن مسموح للزوار والسائحين أن يصعدوا علي درجاته من الداخل وبالفعل تم إغلاقه عام 1990 وأعيد افتتاحه حينما أصبح آمناً للزوار والسياح.


الجدير بالذكر، بعض الناس لا يرغبون في محاولات تعديل البرج ليصبح مستقيما فشهرته جاءت من انحناءه. أيضاً منذ بضع سنوات، قامت السلطات بوضع ما يشبه بكوردون معدني حول البرج ليلاً حفاظا عليه من أي هجومات إرهابية. يبلغ طول الكوردون 70 قدماً وارتفاعه تقريبا 6.5 قدماً. يوجد أيضاً أبراج أخري ببيزا مائلة ولكن ليست علي نفس الشكل الملحوظ كبرج بيزا المائل الذي يميل بنسبة 0.1 سينتميترا كل عام، لعل هذه المشكلة ترجع إلي مكونات باطن نهر المدينة الذي يشكل أساس قاعدة البرج.


هناك بعض البنايات التي تحدت البرج حتي تكون أكثر البنايات ميلاً وهما كنيستان بألمانيا، برج سيرهوزين وبرج الأجراس ببلدة “ Bad Frankenhausen ” ولكن جاءت تسجيلات جينيس في 2010 مسجلة برج بوابة العاصمة هنا بمدينة أبوظبي أكثر بناء مائل بالعالم من صنع الإنسان كاسراً كل الأرقام حيث يميل أكثر من الشهير بيزا بأربع أو خمس مرات تقريباً. لكن كان الهدف من بناءه أن يكون مائلا.


 


0 تعليقات